قال الكاتب البريطاني Simon Tisdall إن خطط البنتاغون غير المعلنة لسحب ألفي جندي أميركي من شرق سوريا تكشف عن مخاوف كبيرة من احتمال عودة تهديد تنظيم “داعش”، بحيث تحتجز القوات الكردية السورية المدعومة من واشنطن نحو 9 آلاف عنصر من التنظيم في معسكرات اعتقال، معتبرا أنه في حال الانسحاب الأميركي، هناك خشية من عمليات فرار جماعي وإحياء محتمل للخطر الإرهابي تجاه أوروبا والغرب.
وأضاف الكاتب في مقال بصحيفة The Guardian البريطانية، بعنوان “الثورة السورية على المحك.. على الغرب أن يرفع العقوبات الآن”، أن هذا التطور يأتي في ظل تغييرات كبرى أعقبت سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، ما أعاد رسم المشهد السياسي السوري والإقليمي، وبينما تسعى تركيا ودول الخليج لتعزيز نفوذها في سوريا، تأمل أوروبا عودة اللاجئين إلى وطن مستقر، أما إسرائيل، فتنظر بريبة إلى الوضع، في حين تحاول روسيا وإيران استعادة موطئ قدم.
وتابع الكاتب: “في صلب هذه التحولات يقف أحمد الشرع، القائد السابق في تنظيم القاعدة وزعيم (هيئة تحرير الشام)، الذي أصبح رئيس سوريا الموقت. يواجه الشرع تحديات هائلة لإعادة بناء البلاد، وسط تباين مصالح الأطراف الإقليمية والدولية”.
ولفت الكاتب إلى أنه خلال اجتماعاته مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، أكد الشرع أن أولوياته تشمل الحفاظ على وحدة سوريا، وتشكيل جيش وطني، وإقامة إدارة منتخبة، إلا أن خبرته المحدودة وتاريخه المتشدّد يثيران الشكوك حول قدرته على تحقيق ذلك.
ورأى الكاتب أن أردوغان، الداعم السابق لمقاتلي “هيئة تحرير الشام” في إدلب، يرى في سوريا فرصة لتعزيز نفوذه. ويسعى لإعادة ثلاثة ملايين لاجئ سوري من تركيا، والفوز بعقود إعادة الإعمار، إضافة إلى إنهاء ما يعتبره تهديدا كرديا على حدوده.
وأشار الكاتب إلى أن الشرع يخطّط لدمج “قوات سوريا الديمقراطية” ذات الأغلبية الكردية في الجيش الوطني الجديد، وهو ما يتماشى مع مصالح أنقرة. إلا أن الأكراد، الذين قاتلوا “هيئة تحرير الشام”، يرفضون هذا الدمج ويتمسّكون بحكمهم الذاتي في شمال شرقي سوريا. تركيا، من جهتها، لا تميز بين “قسد” وحزب العمال الكردستاني، المصنف إرهابيا لديها، ممّا يفتح الباب أمام مواجهة وشيكة مع “قسد”.
واعتبر أن إسرائيل التي استغلت سقوط الأسد لضرب البنية العسكرية السورية وترسيخ احتلالها للجولان، تشكك في نوايا الشرع، وخصوصا بسبب تحالفه مع أردوغان الداعم لحركة “حماس”، فيما إيران وروسيا تسعيان لاستعادة نفوذهما في سوريا عبر دعم جماعات مسلحة وإبرام صفقات مع دمشق.
ولفت إلى أن العقوبات الغربية المفروضة على سوريا لا تزال تعرقل جهود إعادة الإعمار، وسط دعوات لرفعها من أجل استقرار البلاد، معتبرا أن نجاح الشرع في بناء دولة ديمقراطية مستقرة يخدم المصالح الغربية والإقليمية، بينما قد يؤدي الفشل إلى مزيد من الفوضى والتدخلات الخارجية.
وختم الكاتب: “في ظل هذا المشهد المعقّد، تبدو سوريا على مفترق طرق، إذ قد تكون هذه فرصة نادرة لإعادة بناء بلد مدمّر، أو مقدمّة لفصل جديد من الاضطرابات”.