نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريراً عن تصاعد انتقادات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لرئيس مجلس الاحتياطي الفيديرالي جيروم باول، على خلفية تصريحاته الأخيرة التي حذّر فيها من أن الرسوم الجمركية قد تعقّد قدرة البنك المركزي على توجيه الاقتصاد.
وأوردت الصحيفة في التقرير التحليلي الذي أعده الصحافيان داني دويرتي وأدريان تونغ، أن نية ترامب تجاه إقالة باول ما زالت غير واضحة، مع العلم بأن مجرد إقالة رئيس المجلس لا يضمن للرئيس السيطرة على سياسات الاحتياطي الفيديرالي، نظرا لبنيته المؤسساتية المعقدة التي تتوزع بين مجلس حكام مركزي في العاصمة و12 مصرفاً إقليميا موزعين على أنحاء الولايات المتحدة.
النظام الفيديرالي
ويتكوّن مجلس حكام الاحتياطي الفيديرالي من 7 أعضاء، من بينهم الرئيس، يُعيّنهم جميعا رئيس الولايات المتحدة ويُصادق عليهم مجلس الشيوخ لفترات متداخلة، مما يضمن نوعا من الاستقلالية والاستمرارية في القرارات. لكن السلطة لا تتركز في هذا المجلس وحده، فوفقاً لما أوضحته “وول ستريت جورنال”، فإن النظام الفيديرالي يضم أيضا 12 مصرفاً إقليميا لا تتبع الحكومة مباشرة، بل تمتلكها البنوك التجارية ضمن نطاقها الجغرافي. ورغم هذا الطابع الخاص، فإن لها دورا حيويا في تحديد السياسة النقدية من خلال عضويتها في اللجنة الفيديرالية للسوق المفتوحة (إف أو إم سي)
من يُحدد السياسات؟
ويشير التقرير إلى أن “اللجنة الفيديرالية للسوق المفتوحة هي الجهة التي تتخذ القرارات الحاسمة بشأن السياسات النقدية في الولايات المتحدة، وتتكوّن من 7 أعضاء من مجلس الحكام، بالإضافة إلى رئيس بنك الاحتياطي الفيديرالي في نيويورك، و4 رؤساء من البنوك الإقليمية يتناوبون على التصويت. أما بقية رؤساء البنوك الإقليمية فهم أعضاء دائمون في اللجنة، يشاركون في المناقشات والاجتماعات، ويقدمون التوقعات الاقتصادية، دون أن يكون لهم حق التصويت إلا عندما يحين دورهم.
سعر الفائدة الفيديرالية
وتُعدّ الأداة الأبرز بيد الاحتياطي الفيديرالي هي التحكم في “سعر الفائدة على الأموال الفيديرالية”، الذي يُستخدم لتسريع النمو الاقتصادي أو إبطائه. وتُعلَن التعديلات في هذا السعر عقب اجتماعات اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة الدورية. هذا السعر يحدد تكلفة الاقتراض بين البنوك، وكذلك الفائدة التي تحصل عليها البنوك عند إيداع احتياطياتها لدى البنك المركزي، مما يجعل له تأثيرا مباشرا على السوق الائتمانية والاقتصاد كله.
هل يستطيع ترامب فرض هيمنته؟
وأشارت “وول ستريت جورنال” في التقرير التحليلي، إلى أن طموحات ترامب في السيطرة على الاحتياطي الفيديرالي تصطدم بواقع قانوني ومؤسساتي معقّد، فحتى لو تمكن من تعيين أو عزل بعض الأعضاء، تبقى قرارات السياسة النقدية رهينة للتصويت الجماعي داخل اللجنة الفيديرالية، وتخضع لتوازن دقيق بين المركز والفروع الإقليمية، ما يُبقي البنك في موقع الاستقلالية عن السلطة التنفيذية.
وأكدت الصحيفة في ختام تقريرها أن هذا النظام اللامركزي، وإن بدا معقداً، إلا أنه صُمم عمدا لحماية سياسات البنك المركزي من التأثيرات السياسية القصيرة الأمد، وضمان استقرار اقتصادي بعيد الأمد، وخصوصا في أوقات التوترات مثل تلك التي يشهدها المشهد السياسي الأميركي اليوم.