ذكر تحليل لمجلة The Economist البريطانية أنه في الثاني من مارس، اتهمت Tulsi Gabbard، مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالسعي إلى إشعال حرب عالمية ثالثة “أو حتى حرب نووية”.
وأضاف التحليل الذي حمل عنوان “ترامب في مواجهة “العيون الخمس”: هل يُلحق الرئيس الضرر بأقوى حلف استخبارات في العالم؟”، أن Gabbard تُعرف بمواقفها المتعاطفة مع روسيا وتاريخها في نشر الدعاية الروسية عبر وسائل الإعلام مثل “روسيا اليوم” “RT”، وقد أثار تعيينها قلق وكالات الاستخبارات الأميركية وحلفائها، لكنها ليست الوحيدة التي تثير التوتر في شبكة تحالفات الاستخبارات الأميركية. فمؤخرا، توقّف ترامب عن مشاركة المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا لأسبوع كامل للضغط على كييف لتقديم تنازلات، وهدد أيضا بضم كندا إلى الولايات المتحدة أو طردها من تحالف “Five Eyes” للاستخبارات.
وأشار التحليل إلى أن الولايات المتحدة، من خلال وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، تتمتع بعلاقات قوية مع حلفائها عبر شبكة واسعة من التعاون الاستخباراتي. وتقوم “CIA” بالتعاون مع العديد من وكالات الاستخبارات في دول حليفة مثل بريطانيا، كندا، وأستراليا في جمع البيانات وتبادل المعلومات.
وتابع التقرير أنه بعد الحرب العالمية الثانية، أسست الولايات المتحدة الأميركية وكندا وأستراليا وبريطانيا ونيوزيلندا تحالف “العيون الخمس” “Five Eyes”، الذي يهدف إلى جمع البيانات المقرصنة من الاتصالات ومشاركتها بين الدول الأعضاء. ويُعد هذا التحالف أكبر وأهم ترتيب استخباراتي في التاريخ، بحيث يتمتع كل طرف بثقة كبيرة في الآخر. في بعض الحالات، مثل التعاون بين “CIA” و”MI6″ البريطاني، تتم مشاركة معلومات حساسة في شكل مُنقّح، بحيث يتم إخفاء هويات المصادر.
ولفت التحليل إلى أن هناك مخاوف من أن هذه العلاقات الاستخباراتية قد تتأثر. وقد تؤدي تهديدات ترامب بطرد كندا من تحالف “Five Eyes” إلى اضطراب التعاون بين الوكالات الاستخباراتية، كما أن بعض الحلفاء قد يشعرون بالقلق بشأن تسريب المعلومات من الإدارة الأميركية في عالم جمع المعلومات الاستخباراتية البشرية (Humint)، وقد تؤدي هذه المخاوف إلى تعديل في طريقة مشاركة البيانات، بينما في مجال استخبارات الإشارات (Sigint)، يبقى التعاون أوثق، لكن قد تحدث اضطرابات في حال تعرّض التحالف للتقليص.
وتوقع التحليل أنه من المستبعد أن يتم طرد أي دولة من تحالف “Five Eyes” بسهولة، إذ يتسم هذا التعاون بالاعتماد المتبادل العميق. ولكن حتى لو كان لكل دولة مصلحة في الحفاظ على هذا التعاون، فقد تشهد العلاقات الاستخباراتية اضطرابات بسبب التحولات السياسية في الولايات المتحدة. في الأوقات الماضية، حين كانت هناك أزمات داخل التحالف، كانت وكالات الاستخبارات الأميركية تدرك أهمية هذه العلاقات، ولكن في الوقت الحالي، يشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق من التوجهات السياسية الحالية التي قد تؤدي إلى عدم الاستقرار والاستخبارات المتفرقة.
ولفت التقرير إلى أن البعض يخشى من أن هذا التحالف الحيوي بات في خطر ويمكن تقسيم السيناريوهات إلى ثلاثة احتمالات:
الأول: أن تُعطل الولايات المتحدة هذه الترتيبات، ربما تنفيذا لتهديداتها بطرد كندا من تحالف العيون الخمس.
الثاني: أن يبدأ الحلفاء، القلقون من تراخي إدارة ترامب في حماية أسرارهم، بالتراجع أو بالبحث عن شركاء بديلين. إذ في ولايته الأولى، على سبيل المثال، كشف ترامب أسرارا إسرائيلية لوزير خارجية روسيا.
والسيناريو الثالث: الأكثر ترجيحا هو أن تؤدي سياسات ترامب التي تهاجم البيروقراطية الفيدرالية وتسييس مجتمع الاستخبارات (IC) إلى اضطراب وشلل بين الجواسيس الأميركيين، مما ينتقل أثره إلى الحلفاء.
وخلُص التقرير إلى أنه رغم القلق الحالي بين مسؤولي الاستخبارات الغربيين، فإن التعاون الاستخباراتي بين الدول الأعضاء في “Five Eyes” ما زال مستمرا بشكل طبيعي، على الرغم من بعض التحديات التي قد تنشأ في المستقبل القريب.